خاتمة عامة:
إن الحقيقة التي تنتهي إليها الدراسة تكمن في أن التضخم يعبر عن الخلل التوازني بين الطلب الكلي والعرض الكلي ، سواء كان ذلك الخلل نتيجة تحقق مرحلة التشغيل الكامل بالنسبة للاقتصاديات المتقدمة أو نتيجة جمود وعدم مرونة، وتخلف القطاعات الإنتاجية بالنسبة للاقتصاديات الآخذة في النمو، كما تكمن في أن طرق علاجه تتطلب التحكم فيه وذلك من خلال مزج أفضل السياسات وأنجحها في محاربته.
إذ يمكن تعريف السياسات الاقتصادية بأنها تلك الأدوات التي يلجأ إليها الاقتصادي لبلوغ أهدافه وكما تعتبر هذه السياسات من وسائل التوجيه المباشر للاقتصاد نحو الاستقرار، وتعمل هذه السياسات من خلال تأثيرها على المتغيرات الأخرى باستغلال قوى السوق ودفعها لتحقيق الهدف النهائي المرغوب.
وتعتبر السياسة النقدية إحدى وسائل السياسة الاقتصادية، وهذا يتضح من خلال أهدافها التي تسعى جاهدة إلى تحقيقها، مستخدمة في ذلك عدة وسائل مختلفة منها تحديد كمية وسائل الدفع المتاحة ومعدلات الفائدة ونسبة الاحتياطي القانوني وسعر إعادة الخصم، إضافة إلى دخول البنك المركزي في السوق بائعًا أو مشتريًا للأوراق المالية وهذا ما يعرف بسياسة السوق المفتوحة.
ونظرا للمستوى المرتفع لتدخل الحكومة في الاقتصاد في بادئ الأمر، فإن معظم برامج التصحيح اتجهت بصورة صريحة أو ضمنية إلى تحجيم العمليات الحكومية بالإضافة إلى الحد من الخلل في الموازين المالية، وهذا باتباع سياسة مالية صارمة تهدف إلى تخفيض النفقات العمومية خاصة منها غير المنتجة، وكذا ترقية النظام الجبائي ومحاربة الغش والتهرب الضريبي وهذا كله يبعد السلطات العمومية من اللجوء إلى التمويل بالعجز.
كما تعتبر سياسة سعر الصرف سياسة اقتصادية، تظهر من يوم إلى يوم استقلاليتها عن السياسات الأخرى وهذا من خلال تميزها بأهدافها المتمثلة في مقاومة التضخم وتخصيص الموارد، وتوزيع الدخل وكذا تنمية الصناعة المحلية.
وكما رأينا في فصل أخير التضخم النقدي في الجزائر مما لاشك في وجوده، فقد تعدى الإصدار النقدي مداه وحجمه بمقارنته مع نسبة زيادة الناتج الداخلي الحقيقي ويرجع ذلك من جهة إلى تدخل الدولة في كل النشاط الاقتصادي ومن جهة أخرى نقص موارد الاستثمار، وما زاد في حدة هذا التضخم هو ضعف نسبة تزايد الناتج الداخلي الخام بالمقارنة مع نسبة زيادة الكتلة النقدية ويرجع ذلك إلى استعمال هذه الموارد النقدية في نشاطات غير إنتاجية خاصة في هذه السنوات الأخيرة.
إن هذه الحالة التضخمية لم تبقي الجزائر مكتوفة الأيدي خاصة منذ بداية التسعينات، فقد قامت بعدة محاولات من أجل مواجهة ذلك في إطار معالجة الأزمة الاقتصادية ومن هذه المحاولات:
1. إعادة الاعتبار لدور البنك المركزي للتحكم في السياسة النقدية العامة للبلاد كسلطة نقدية وحيدة ( قانون 90/10 قانون 03/11).
2. إتباع سياسة مالية من ضمنها:
تخفيض النفقات العمومية المكلفة وغير الضرورية، مثل إلغاء سياسة دعم الأسعار.
الاعتماد على الإصلاح الضريبي )قانون المالية (1991 من أهدافه:
– التخفيض من حدة الضغط الضريبي.
– تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي وبالتالي زيادة الناتج الداخلي الخام بإدخال تحفيزات إنمائية ...
3. وفي مجال زيادة الناتج الداخلي الخام وتحسين الإنتاجية فقد تم القيام بإجراءات منها:
• في إطار تحسينات وإصلاحات أساسية على العملية الإنتاجية، أي على المؤسسة العمومية فقد تم تطهير هذه المؤسسات ماليا ، وعرض بعضها للاستقلالية والبعض الأخر الخوصصة تم تجميع تلك المؤسسات.
• تجميد الأجور وعدم السماح لها بالارتفاع أكثر من إنتاجيتها.
• التخفيض من حدة وتأثير التضخم المستورد لمحاربة المضاربة.
• السيطرة على الطلب الكلي وذلك بإحداث تغيير جذري في هيكل الاقتصاد بما يتلاءم مع مقتضيات التنمية السريعة .
• دفع العرض الكلي نحو الارتفاع لمواجهة فوائض الطلب الكلي.
أفاق البحث:
رغم محاولتنا لإثراء هذا البحث بكل المعلومات اللازمة والضرورية إلا أنه من الطبيعي لا يخلو من النقائص، وهذا لاتساع نطاق الموضوع وأهميته، ويتطلب هذا الموضوع عدة بحوث للإلمام به، لذلك نفتح باب البحث في هذا المجال للدفعات القادمة ونشجعهم في الخوض فيه فهو موضوع أثري ، ننتظر من يبحث فيه ونقترح في الأخير بعض الإشكاليات للأبحاث المستقبلية منها:
– كيف يمكن للسياسة المالية والنقدية أن تجد نفسها في ظل مواجهة العولمة المالية؟
– ماهي أهم الإصلاحات التي يجب تطبيقها في الجزائر على الجهاز البنكي؟
– ماهي أهم الإصلاحات التي يجب تطبيقها في الجزائر على الجهاز البنكي؟
– ماهي أفاق السياسة الاقتصادية في ظل الشراكة الأورو متوسطية؟
قائمة المراجع:
المراجع باللغة العربية:
1– مجدي محمود شهاب، اقتصاديات النقود والمال والنظرية والمؤسسات النقدية الإسكندرية، إدارة الجامعة الجديدة، بدون سنة نشر.
2– مروان عطون، النظريات النقدية ، دار البحث ، قسنطينة ، 1989 ، ص79 .
3– إسماعيل محمود هاشم ، مذكرة في النقود والبنوك ، دار النهضة العربية ، بيروت 1988 .
4– ناظم محمد نوري الشمري ، النقود والمصارف ، دار زهران للنشر والتوزيع ، العراق بدون سنة نشر .
5– ضياء مجيد ، الاقتصاد النقدي ، مؤسسة شباب الجامعة ، الجزائر ، 2000.
6– بوشاشي بوعلام ، الأمين في الاقتصاد ، دار المحمدية العامة ، الجزائر ، بدون سنة نشر.
7– قدَّي عبد المجيد ، مدخل إلى السياسات الاقتصادية الكلية ، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ، 2003 .
8– غازي حسين عناية ، التضخم المالي ، دار الشهاب ، باتنة ، الطبعة 2 ، 1986 .
9– زكي رمزي ، الاقتصاد السياسي للبطالة ، الكويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، 1997 .
10– مصطفى أحمد فريد ، سهير محمد ، السياسة النقدية والبعد الدولي اليورو ، دار النشر مؤسسة شهاب ، بدون سنة نشر .
11– حشاد نبيل ، استقلالية البنك المركزي بين التأييد والمعارضة ، بيروت ، إتحاد المصارف العربية ، 1994 .
12– إسماعيل هاشم ، مذكرات في النقود والبنوك ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، بيروت 1996 .
13– طارق الحاج ، علم الاقتصاد ونظرياته ، دار صفاء للنشر والتوزيع ، عمان ، 1998 .
14– عبد العزيز فهمي هيكل ، موسوعة المصطلحات الاقتصادية والإحصائية ، دار النهضة العربية ، بيروت ، 1980 .
15– عبد المنعم فوزي ، المالية العامة والسياسة المالية ، منشآت المعارف الإسكندرية بدون سنة نشر .
16– فريد الصحن ، السياسة الاقتصادية، الطبعة الأولى ، بيروت، 1964 .
17– غازي عناية ، المالية العامة والتشريع الضريبي ، دار البيارق، 1993 .
18– محمد مبارك حجير ، السياسات المالية والنقدية ، الدار القومية للطباعة والنشر ، بدون سنة نشر .
19– نبيل الروبي ، التضخم في اقتصاديات الدول المتخلفة ، مؤسسة الثقافة الجامعية بيروت ، بدون سنة نشر .
20– سوزي عدلي ناشد ، الوجيز في المالية العامة ، دار الجامعة الجديدة ، 2000 .
21– على العربي عبد المعطي عساف ، إدارة المالية العامة ، كلية التجارة ، جامعة الكويت بدون سنة نشر .
22– السيد عطية عبد الواحد، دور السياسة المالية في تحقيق التنمية الاقتصادية، دار النهضة، بيروت، 1993.
23– بلعزوز بن علي ، محاضرات في النظريات والسياسات النقدية ، بن عكنون ،الجزائر ديوان المطبوعات الجامعية ،2004 .
24– فؤاد هاشم عوض ، اقتصاديات النقود والتوازن النقدي ، دار النهضة العربية ، بيروت بدون سنة نشر .
25– الطاهر لطرش ، تقنيات البنوك ، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، الجزائر 2004 .
المراجع باللغة الفرنسية :
1– Alain.Barere , Librairie Dallaz , politique Financiere , Paris , 1958.
2– Hamid Bali , Inflation et Développement en algérien , OPU
Ben Aknoun , 1993 .
3– Med chérif ilman ,"transition de l'économie algérienne vers une économie de marché" Etudes N0=1, la banque d'algerie, novembre 1990 .
4– Maouch A , Saber D , " la politique Monétaire dans une économie en transition " , OPCIT .
قائمة المذكرات :
1– محمد عبد المؤمن ، الميزانية العامة للدولة في ظل الإصلاحات الاقتصادية ، رسالة ماجستير ، معهد العلوم الاقتصادية ، جامعة الجزائر ، 1996 .
2– بن عربة بوعلام ، التضخم في النظرية الاقتصادية ، حالة الاقتصاد الجزائري فترة 67–52 ، معهد العلوم الاقتصادية ، جامعة الجزائر ، رسالة ماجستير ، 1996 .
3– تومي صالح ، النمذجة القياسية للتضخم في الجزائر خلال الفترة 1988– 2000 شهادة دكتوراه دولة في العلوم الاقتصادية ، 2002 .
قائمة المجلات :
1– بن جرادى فارس ثابت ، أثر اليورو على إقتصاديات الدول العربية ، أبوظبي ، صندوق النقد العربي ، 2000 .
2– الصادق علي توفيق وآخرون ، سياسات وإدارة أسعار الصرف في البلدان العربية أبوظبي ، صندوق النقد العربي ، 1997 .
3– الشباري أحمد علي ، الإصلاحات الاقتصادية المالية والإدارية في الجمهورية العربية اليمنية ، صنعاء ، مجلة الثوابت ، 1999 .
4– النجار سعيد ، (تحرير) سياسات التجارة الخارجية والبيئية للبلاد العربية ، أبوظبي صندوق النقد العربي ، 1992 .
____ علمـــــــــي زادي ____